إن حرية الكلمة هى المقدمة الاولى للديموقراطية الحقة وهى الركيزة الاساسية لمساحة الحرية فى المجتمع

                                                        
واقع معاصر لمجتمع تقليدى
    نحن فى الكويت اليوم، نعيش في بدايات العقد الثانى من القرن الواحد والعشرين الميلادي, وربما ذلك لايمثل معنى للبعض منا باستثناء كونه معبرا عن تغيرا طبيعياً فى حياتنا الاجتماعية والسياسية والاقتصادية.  ولكن عند التفكر بعمق فى هذه التغيرات يمكن للمرء وبيسر أن يتبين أن ما يحدث فى هذا العقد الثانى من القرن الواحد و العشرين ما هو الا تحولات عميقة وجذرية للإنسان الكويتى ، سواء على المستوى الاقتصادى و السياسى ، الاجتماعي و الثقافي، أو حتى الايديولوجى . هذه التحولات الجذرية تجعل من المشروع لنا أن نصنف هذه الفترة باعتبارها بداية لحقبة جديدة في تاريخ مجتمعنا, حقبة ستدفعنا الى واقع جديد لم نألفه من قبل . وإذا كان ما يميز المرحلة السابقة، كما هو معروف،هو أنها حقبة الرفاه  الاجتماعى او حقبة دولة الرفاه الاجتماعى  فإن السمة الأساسية المميزة لهذه الحقبة الجديدة، التي ندخلها حاليا،هي حقبة التعددية السياسية , والمشاركة فى القرار السياسى , وحقبة التعايش مع التعددية  الثقافية الطائفية والعرقية , وهى ايضا حقبة الحراك السياسى الكبير.  اننا نعيش حالة حداثة سياسية واجتماعية لم نألفها من قبل,  حالة جديدة نمر بها حاليا هي نتاج لحالات ثلاث مرت بنا ولانزال نعيش تداعياتها  هي حالة  "مابعد التحرير "، وحالة  "ما بعد الربيع العربى "، وحالة التغيرات الاقليمية من حولنا .

    في عالم اليوم، على الرغم من أن قيمنا السياسية التقليدية لا تزال مسيطرة، إلا أن الاعتراف بالاختلاف والتنوع والتفرد فيما بين الناس حيال هذه القيم اصبح امرا حتميا لا يختلف عليه بل هو أمر مسلم به. على هذا الأساس تصبح الاختلافات في النظرة إلى المجتمع الكويتى المعاصر، في أساليب الحياة، في منظومات القيم، وفي الاعتقادات، هي امور معترف بها . هذا الاعتراف يفرزآثارا عميقة على كافة جوانب حياتنا المعاصرة، بدءا من فهمنا لطبيعة النظام السياسى القائم ودوره فى تحقيق الحلم الكويتى، مرورا بفهمنا للاختلافات في أنظمتنا الاجتماعية والسياسية، وانتهاء بفهمنا لمعنى أن الكويت تمثل مجتمعا واحدا وفي نفس الوقت تتكون من عدة ثقافات متميزة ومتفردة.
    التعدديه فى الكويت يمكن أن تفهم سلبا وإيجابا في نفس الوقت. في الفهم السلبي لها، الجماعات الاجتماعية للمجتمع منفصلة، منعزلة ومتصارعة في محاولة لإقصاء بعضها البعض. أما في الفهم الإيجابي لهذه التعددية فإن هذه الجماعات المتعددة تمثل مع بعضها البعض بيئة حافزة نحو الخصوبة الفكرية الإنسانية للمجتمع الكويتى  من خلال تنوع نظراتها إلى الواقع من حولها ، وفي حالة تنافس إيجابي نحو الإبداع وتقدم المجتمع  نحو آفاق جديدة.
    بدون شك نحن نتبنى هذا الموقف الإيجابي الثاني، ليس انطلاقا من أرضية يوتوبية رومانسية، وإنما من أرضية واقعية عقلانية. فما نفهمه من مثل هذا الموقف هو أنه يضع عبئا من النجاح في التنافس الإيجابي بين هذه الجماعات الاجتماعية فى المجتمع . لذا إذا كان النظام السياسى المعاصر لا يزال مسيطراً على الساحة السياسية للمجتمع ، فإن عناصر النظام السياسى التقليدى  مثل الطائفية , القبلية , العرقية والاثنية  مواجهة بمهمة صعبة هي إثبات قدرتها على الوجود والمشاركة في تقدم المجتمع وفى التكيف مع هذا النظام السياسى المعاصر  في عالم يعتبر مثل هذه التنظيمات من سجلات التاريخ .